Image Not Found

في “قلعة مطرح” خلال يومين.. “أحلام العصر” كثيرة والحالمون كُثر..

عُمان: كتب ـ فيصل بن سعيد العلوي – تصوير: برير الكشري

على بعد 120 درجة من سلم امتدت خطوات الوصول إليه لأكثر من حُلم، وأحلام العصر كثيرة.. والحالمون كُثر،

وأربعة آلاف ويزيدون هم من استيقظوا من الواقع وحضروا يتوقون لأحلامهم على علو تلة صخرية محاطة بعبق مطرح الجامعة للثقافات عبر فضاءات تسافر بالحنين من الماضي إلى حاضر يستكشف متاهة الأعمال الفنية السيريالية ليعيد للمكان والزمان واقعه التاريخي كما لو أنه لم يحدث من قبل لماضٍ ملون بالورود لا يوجد إلا في مخيلتنا.

عبر “أحلام العصر” المعرض الفني الذي أعده فريق زورق ومجلة سكة وتيبي عُمان في قلعة مطرح التاريخية واختتم مؤخرا بحضور كبير انطلق رسميا بحضور صاحبة السمو السيدة ميّان بنت شهاب آل سعيد ومعالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية ونخبة من الفنانين والمهتمين في يومه الأول، فيما شهد يوما الحدث حضورًا كثيفًا من الزوار بمختلف فئاتهم امتدت طوابير الانتظار على طول سلم القلعة ويزيد.

نحن وإمبوستر

شُغِل فضاء قلعة مطرح لأول مرة بأعمال فنية تفاعلية صاغها فنانون عمانيون معاصرون سافروا عبر يوتوبيا من الحنين إلى الماضي والتي تمزج بين ثقافات الماضي والحاضر، فمنحوتة “نحن” للفنانة ماجدة الهنائية تبحث في الهوية والتأمل الذاتي والوعي، تخلق شخصيتها الشبيهة بالبشر إحساسًا بالألفة، وعند التجول أكثر، يجد الزائر نفسه باحثا عن المزيد، وتقدم المرآة بُعدًا آخر وإحساسًا باليوتوبيا في واقع آخر تمامًا فهو فضاء آخر من ناحية فيزيائية وذهنية في ذات الوقت يدفع الزوار للنظر إلى أنفسهم في المرآة واستكشاف المزيد حول ما يكمن وراء انعكاس صورتهم.

بينما يستعرض عمل الهنائية “إمبوستر” متلازمة المحتال، أو ظاهرة المحتال وهي شعور الشخص أنه غير مؤهل للقيام بعمل ما، أو أن يرى الشخص نفسه ذا كفاءة أقل مما يرى الآخرون في الواقع، وعليه فالمصاب بهذه المتلازمة يعتقد أنه يستحق أقل مما يملك، ويخاف من أن يصفه الآخرون بأنه محتال رغم كفاءته ومهارته، وتقول ماجدة الهنائية: لقد عانى الكثيرون منا من متلازمة المحتال على شكل الشعور بالقلق الناتج عن التقليل المستمر من كفاءة الشخص لذاته ومن دوره الفعال في تحقيق النجاح، بينما يعزو إنجازاته إلى الحظ أو أسباب خارجية أخرى.

المدينة المطوية

أما “المدينة المطوية” للفنانة صفاء البلوشية فهي عمل تركيبي متعدد الوسائط صنع بالتعاون مع طاهر ماجد، وريان البلوشية، وتارا اتكنسون، تأخذك المدينة عبر رحلة تجريدية وحسية إلى خبايا مطرح الساحرة، إلى طيات هذه المدينة وكل ما تقدمه إليك من مشاهد، وروائح، ومذاقات وأشياء ملموسة، ومسموعة، والكثير من الكنوز المخبأة بين المنازل المهجورة والقصص التي لم تحكى، تم استخدام قطع الأقمشة كلوحات فنية وكل طبقة تم صناعتها من مواد تم تجميعها وإعادة تدويرها من مطرح.

تجربة هفسة

فيما شاركت “هفسة” بتقديم تجربتها في غرفة مليئة بالمثلجات والفشار تنتقل إلى عالم سريالي وفضاء خيالي بأسلوب عُماني تقليدي مع لمسة عصرية بأسلوب تجربة ممتعة خلال تجولهم داخل الغرفة، حيث يقول الفنان طارق الهاجري المخرج الفني لركن “هفسة العصر” في المعرض: إن الطاقم المكون من عبدالرحمن الكندي وخديجة الحبسية وبشاير البلوشية وعلي الهاجري ونهى الخصيبي عمل على تقديم المحتوى الذي تضمه الغرفة عبر أفكار هدفها الأساسي استخدام الأشياء المهملة القديمة لإعادة تدويرها وتجديدها والاستفادة منها في أفكار من خارج الصندوق تعرض بشكل مختلف يمنح البهجة للزائر، كما أن الغرفة بمكوناتها استخدمت خامات البيئة الطبيعية العمانية إضافة إلى استخدام اللهجة المحلية الدارجة في الحديث والتعبير عن المكونات، نحن نبحث أن نجعل الأشياء التي لا تحدث أن تحدث في هذا المكان بحيث نمنح الطاقة الإيجابية للمتلقي.

وبالإضافة إلى الأعمال الفنية المقدمة أعدت “تيبي عمان” مساحة التخييم الخارجية المفتوحة التي مكنت الزوار من التواصل مع المبدعين العمانيين ضمن بيئة فنية. و”تيبي عمان” شركة تخييم توفر تجارب استثنائية لتشجيع الانغماس الثقافي، والانسجام مع الطبيعة، وإشعال روح المغامرة.

شرارة الفكرة

تقول منار الهنائية المؤسسة لسكة ورئيسة تحريرها: إن تأسيس مجلة “سكة” يستهدف نشر وترويج الثقافة والفنون والأدب من العالم العربي وبالأخص من منطقة الخليج العربي ومشاركته مع العالم، حيث إن هناك نقصا على نطاق الإعلام الدولي للمقالات أو المواد الإعلامية التي تسلط الضوء على الحركة الفنية والثقافية والأدبية من المنطقة، وكل عدد من أعداد مجلة سكة يتمحور حول موضوع معين، وأطلقنا عدد “عمالقة الإبداع” وهو أول عدد لمجلة عالمية مكرّسة للحركة الإبداعية في سلطنة عمان في يناير المنصرم، حيث توفر العدد في أمريكا، وأوروبا، وغيرها، ويصاحب إطلاق أي عدد من سكة سلسلة من الفعاليات التي نهدف من خلالها تسليط الضوء على الشخصيات التي نقابلها في العدد، حين أطلقنا عدد عمالقة الإبداع فكرنا مليًا كيف يمكننا أن نروج لأعمال المبدعين العمانيين الذين سلطنا الضوء عليهم في عددنا وكيف يمكننا أن نقوم بذلك بطريقة مبتكرة تجذب الناس للتعرف على أعمالهم.

وتضيف الهنائية: تواصلا لتلك الفكرة بدأت عملية التخطيط لهذه الفعالية بطريقة مبتكرة، وبالتعاون مع مؤسسات ومبادرات تفكر خارج الصندوق وأن نعمل معا لتقديم تجربة فنية حسية تترك أثرًا كبيرًا في نفوس الزوار، وبدأنا بالحديث مع مؤسسات (تيبي) أميمة الهنائية والأمجاد المعولية أواخر العام الماضي، وبما أن فريق (تيبي) يهدف إلى تنظيم تجارب مميزة قررنا أنهم سيكونون شريكا مناسبا لإطلاق ما نهدف إليه ومن ثم تعاوننا مع فريق زورق الذي تقوده زعيمة العدوية ونور المحروقية لتنظيم التجربة الفنية واختيار محور المعرض والفنانين المشاركين، واستغرقت عملية اختيار المكان الأمثل لتنظيم هذه الفعالية الفنية عدة أسابيع، حين اختيارنا للوجهة حرصنا أن تكون وجهة جديدة وغير متوقعة ونفتخر بأن إدارة قلعة مطرح حبذت فكرة الفعالية وشاركتنا كراع رسمي في تنظيم هذه الفعالية، والتي شاركنا فيها أيضا ميزون لوكس، وغريد آند غرين، وبن حيدر درويش.

وحول الهدف من هذه التجربة تقول منار الهنائية: نستهدف من هذه التجربة الفنية الاحتفال بالفنانين العمانيين وتقديم فرصة للحضور للتعرف على أعمالهم عبر تجربة فنية حسية مبتكرة، وأن نري الزوار مدى إبداعهم وكيف يمكن للمباني التاريخية أن تلعب دورًا محوريًا لإلهام الشباب وتسليط الضوء على إبداعاتهم، نريد أن نري العالم إبداعات شباب عُمان والذين من خلال عملنا في سكة خلال الـ٥ أعوام الماضية رأينا تميزهم وحسهم الفني والإبداعي.

وتضيف الهنائية: استقبلنا أكثر عن ٤٠٠٠ شخص (بينهم أصحاب السمو والمعالي والسعادة وأعضاء السلك الدبلوماسي) خلال يومين، حيث تعرفوا بدورهم على الفنانين العمانيين، وإبداع السواعد العمانية في إطلاق حدث تفاعلي جذب مختلف أقطار المجتمع الذين احتفلوا معنا بالحركة الإبداعية في سلطنة عمان، ونعمل على جدول حافل من الفعاليات، وعلى تسليط الضوء على الإبداعات الخليجية والعربية دائمًا.